المصادر اللغویة عند ابن أبی الحدید

إن کل شارح للنص الأدبی لابد له من أن یقوم بتفسیر المفردات وبیان غرائب الألفاظ، ولمّا کان النص نصاً أدبیّاً فی أعلی ذروة البلاغة کنهج البلاغة فالحاجة إلی الاتجاه اللغوی تشتدّ، إذ إن الأدب ـ شأنه شأن سائر الفنون ـ له مادة یصاغ منها وهی اللغة، فلا یمکن الغوص فی المعانی السامیة للعبارات إلا باکتناه الألفاظ، وابن أبی الحدید کأعظم شارح لهذا السفر النفیس الخالد قد اعتنی بهذا الأمر عنایة بالغة وابتدأ شرحه مع ما فیه من المناهج الکلامیة والبلاغیة والتاریخیة والأدبیة والحدیثیة وغیرها ابتدأه بالشرح اللغوی، وله فی هذا الأمر منهجان رئیسان؛ التقلید والاجتهاد، وإلی جانب هذین المنهجین قد أفاد فی شرحه للمفردات من مصادر لغویة عدیدة تقلیداً أو اجتهاداً، فقد ذکر قسماً منها فی الکتاب رغماً للمعهود عند العلماء القدماء، واستند إلیها لمقاصد عدة، فحاولت هذه الورقة أن تعرّف هذه المصادر وبعضُها غیر موجودة الیوم ولو بالاسم، وتوضح شیئا من أهمیتها عند الشارح لیصبح تمهیدا للبحث اللغوی فی هذا الکتاب العظیم.